مُلاحظة: لا يمكن لأي معلومة أن تحل مَحَلّ المُحادثة مع طبيبك الذي تربِطك به علاقة ثِقة!

ما هي الاضطرابات الجسدية الشكل؟

يصف مصطلح "الاضطرابات الجسدية الشكل" مجموعة من الأمراض النفسية المختلفة، التي تكون أهم مميزاتها ظهور أعراض جسدية غير واضحة.

يُقصَد ب „غير واضحة" كون الفحوصات الطبية لم تتمكن من تشخيص سبباً جسدياً يُفسِّر بما فيه الكفاية حِدّة الأعراض. قد تظهر أيضاً - إضافةً إلى آلامٍ في أجزاء مُختلِفة مِن الجِسم (مثل الظهر أو البطن أو الرأس أو المفاصِل) - أعراض أخرى كالدوخة وصعوبات في الجِهاز الهضمي أو آلام على مستوى القلب وضيقٍ في التّنفس.

يعاني تَقريبا جميع الناس في بعض الأحيان من حياتهم اليومية مِن بعض الأعراض الجسدية الغامِضة. نَتَحدّث عن الاضطرابات جسدية الشكل فقط في الحالات التي تستمر فيها الأعراض المومأ إليها لِفترةٍ أطول من الزمن، أو إذا تسبّبت للمعني بالأمر في مُعاناتٍ كبيرةٍ مِمّا قد يُؤَثِّر بِشكلٍ كبير على حياته اليومية. غالباً ما يَتِم استخدام مصطلح الاضطرابات السوماتية، أو اضطراب وظيفي أو ما يُسمّى في الآوِنة الأخيرة بالاضطراب الجسدي الناتِج عن الإجهاد النفسي.

تتميز الاضطرابات الجسدية الشكل بظهور واحدٍ أو عِدّة أعراض جسدية، والتي تكون مصحوبة بمعاناة كبيرة وهموم وإِعاقات وظيفية في الحياة اليومية. تستمر الأعراض لِمُدّة 6 أشهر على الأقل.

ما هي وتيرة الإصابة بالاضطرابات جسدية الشكل؟

تُعَدُّ الاضطرابات الجسدية الشكل، إلى جانب كلٍّ مِن اضطرابات الاكتئاب واضطرابات القلق، من بين الأمراض النفسية الأكثر شيوعا في ألمانيا. يُعاني نحو 12 شخصاً من أصل 100 شخص مرّة واحدة على الأقل في حياتهم من اضطرابات نفسية جسدية الشكل، بِحيث تعادِل نِسبة النِّساء المُصابات ضعف نسبة الرِّجال.

هل هناك أشكالاً ومسارات مختلفة للمرض؟

هناك أشكال مختلفة للاضطرابات النفسية جسدية الشكل، إذ أن هناك - مثلاً - بعض المرضى الذين يُعانون من الكثير من الأعراض الجسمانية المجهولة الأصل، حيث أنهم يَشتكون مثلاً مِن آلام، واضطرابات في الجهاز الهضمي (مِثل الإسهال) واضطرابات القلب والأوعية الدموية (مِثل تَسَرع القلب). تستمِر هذه الأعراض في معظم الحالات لعِدّة سَنوات. يتعلق الأمر في هذه الحالة باضطرابٍ نفسي جسدي الشكل

يختلف الأمر فيما يَخص اضطراب الألم، الذي يعرف ظهور ألم قوي ودائمٍ في منطقةٍ مُعينةٍ مِن الجسم؛ حيث تمّ في كثير من الأحيان - في أوّلِ الأمر - تشخيص ألم جسماني كَسببٍ لذلك (مِثل انزلاق غضروفي)، إلا أن الآلام تظل قائمة حتى بَعد مُعالجة السبب الجِسماني (مثلاً عن طريق الخضوع لعملية جراحية).

يُعاني المُصابون باضطراب التوهُم المَرَضي من تَخَوُّفِهم الشديد من الإصابة بِمَرضٍ خطيرٍ (مِثل السرطان)، حيث يَتِم في هذِه الحالة تأويل الأعراض الجسمانية على كونِها علامة على الإصابة بالمرض ذي الصلة. تؤدي نتائج الفحص الطبي، التي تُفَنِّد فَرَضِية إصابة المعني بالأمر بالمرَض الذي يخشى الإصابة بِه، إلى التخفيف من حِدّة القلق لفترةٍ قصيرةٍ فقط.

كيف تنشأ الاضطرابات جسدية الشكل؟

لا يوجد هناك فقط سبب واحد معين لظهور الاضطرابات النفسية جسدية الشكل؛ بل هو عِبارة عن تفاعلٍ بين عوامِل مختلفة التي يدوم تأثيرها عِدة سنوات.

وقد تشمل العوامل المحتملة ما يلي:

تفاعل الجَسد والروح: يتم في حالة الاضطرابات النفسية الجسدية الشكل الانتباه إلى "عمليات الجسم العادية" بِشكل مُتزايد والنظر إليها على أنها أعراض المرض الجسدي. غالباً ما يكون هناك مُسبِّباً خاصاً (مِثل الكرب أو ظروف حياة مُتعِبَة نَفسِيّاً) وراء ظهور رد فِعل جِسماني طبيعي. يبدأ القلب في الخفقان بِشكل أسرع، أو يصبِح المَرء مُتَوترًا أو يُصاب بِأعصاب المعِدة، حيث أن البعض قد يتساءل "ماذا يعني هذا؟ أيُّ مرضٍ أصابني؟" ونتيجة ذلك تكون كالتالي: كُلّما رَكّز الشخص انتباهَهُ على الأعراض، زادت حِدّتها. 

غالباً ما يلجأ المرء مِن أجل التوصل إلى معرفة سبب ذلك إلى استشارة الأطباء عدة مرات؛ إلا أن بالرغم مِن أنه يتم إخبار المُصابين بأن النتيجة إيجابية وبأن لا وجود لِمَرضٍ جَسدي، فإن ذلك لا يُطمئِنهم، ويشعرون بِالأحْرَى بأن شكوكهم على صواب: "ما دام الأطباء دائماً يخصصون الوقت لمقابلتي، فمن المؤكد إذن أن هناك شيء ما غير عادي."

غالِباً ما يتَلقّى المرضى تشخيصات مختلفة لِحالتهم من أطباء من مختلف الاختصاصات (مثل أخصائي الأعصاب أو أخصائي العِظام) والتي لا تُقدِّم تفسيرات شامِلة للأعراض مِمّا يزيد من قلقِ المعنيين بالأمر.

حيث يلجأ العديد من الأشخاص إلى الحرص على عدم إجهاد أنفسهم، وبالتالي يتجنبون الأنشِطة البدنية بهدف التخفيف من الأعراض. قد يكون لذلك نتائج إيجابية على المدى القصير، إلا أن هذا السلوك الاجتنابي قد يؤدي على المدى الطويل إلى تدهور الحالة الجسمانية وبالتالي إلى ظهور اعتلالات أخرى. من الممكن أن تؤدي المداومة على ذلك إلى تَفَاقُم على مرِّ السنين وإلى التأثير بِشِدّة على حياة المُصابين.

هناك أيضا أدِلّة على أّنّ الاستعداد الوراثي والتجارِب الصادِمة نفسياً في مَرحلة الطُّفولة تزيد من مخاطر الإصابة. حيث تعتبر الظروف النفسية والعَملِيّات الجِسمِية مُرتبِطة مع بَعضها البعض ارتِباطاً وَثيقاً جِداًّ، وذلِك - ضِمن أمور أخرى - عبر كلٍّ من هرمونات الإجهاد والجِهازُ العَصَبِيُّ الإِنْباتِيّ. قد تَتَحول الأعراض الجسمانية الطويلة الأمد بنفسِها لِتصبح عبارة عن عبء نفسي، وبالتالي لم يَعُد مِن المُفيد - في كثيرٍ مِن الأحيان - البحث عَنِ السَبب "الواحد".

تَتَسبّب - أخيراً - الظروف الجِسمية والنفسِيَة والاجتِماعية المُختلِفة لدى بعض الأشخاص في إصابَتِهم باضطراب نفسي جسدي الشكل وفي استمرار معاناتهم من الأعراض.

ما الذي يمكن فعله للوقاية من الإصابة؟

يُستَحسن أن يتم عند ظهور الأعراض الجسمانية - جنباً إِلى جنبٍ مع طبيب الأسرة - البحث في مرحلةٍ مُبكرةٍ من الإصابة عن أسباب نفسية إضافة إلى الأسباب الجِسمية: "هل أعيش حالياً ضغوطاً في حياتي التي قد تكون سبب الأَعرَاض التي أُعاني مِنها؟" قد يؤدي محاولة استِبعاد جميع أمراض الجِسم المُحتملة - قبل كل شيء - إلى خطر عدم الوصول أبداً إلى نَتيجةٍ معينة. تَتَمثّل بعض الفحوصات أيضاً في كَونِها إجراءات طبية قد تُؤَدِّي بِنفسها إلى ظهور أعراض جديدة.

كيف يمكن للمرء معرفة إصابته بالاضطرابات جسدية الشكل من عدمه؟

يعتبر طبيب الأسرة أول من ينبغي اللجوء إليه في حالة ظهور أعراض جِسمانية، حيث أنه سيقوم أولاً بِفَحص المريض بِدِقّة أو بِمُناقشةِ التشخيصات المتوفرة. قد يكون من المفيد، في حالة إذا لم يكن المريض مصاباً بِمرضٍ جِسماني الذي قد يُفسِّر الأعراض بِشكلٍ كافٍ، التِماس مُقابَلةٍ تشخيصيّةِ مع أَخِصّائِي في الطِّب النَّفْسِي الجِسمي أو الطب النفسي أو معالِج نفساني؛ الذي سيقوم باستفسار المريض بالتفصيل عن أعراضِه وعَن ظروف حياته الحالية. غالِباً ما تظهر أيضا الأعراض الجِسمانية الغامِضة كآثار جانبية للأمراض النفسية الأُخرى (مِثل أمراض القلق النفسي أو الاكتئاب)، ولِذَلِك يَتِم أيضاً التأكد مما إِذا كانت الأعراض راجِعة إلى مرض نَفسي آخر.

كيف تتم معالجة الاضطرابات الجسدية الشكل؟

أكّدت الدِراسات العلمية أن العِلاج النفسي فعالٌ في معالجة الاضطرابات النفسية الجسدية الشكل؛ حيث أنه يُساعِد المريض على تَعَلٌّم كَيفِية التّعامُل مَع أعرَاضِه الجِسمية ومُمارسة حَياته اليومية بِشكلٍ أفضل. قد يكون من بين الأهداف المكونة للعلاج ما يلي:

  • فهم وتصنيف أفضل للأعراض الشخصية ولِعَمليّات تَكَوُّنِها،
  • إيجاد طريقة أكثر إفادة للتعامل مع الأعراض الجِسمانية عن طريق تغيير التقييمات الذِهنية والمشاعِر،
  • العمل من جديد على إِجهاد الجِسم بِتَأًنٍّ بالرغم من تواجد الأعراض والحرص على البقاء نشيطاً،
  • الحد مِن الإعاقات الناتِجة عن الأعراض الجِسمانية مِن خِلال استراتيجيات مستهدِفة مثل التيسير الاجتماعي، والتغلب على الإجهاد والتدريب على التركيز.

يُمكن أيضاً للأدوية (عقاقير ذات تأثير نفساني) أن تساعد في ظِل ظروف مُعَيّنة في العلاج. يقوم الطبيب بالتنسيق مع المريض حول ما إذا كان هذا الأخير في حاجةٍ للأدوية وبمناقشة نوعية هذه الأخيرة التي تُستَخدَم في العِلاج. 

يمكن للأشخاص المُصابين بأعراض أقل حِدّة الحصول - في أول الأمر- على عِلاجٍ جَيدٍ مِن طرف طبيب الأسرة. حيث يعتبر أطباء الأسرة الحاصِلين على التَأهيل الإضافي "الرِّعاية الأَوّلِية في الطِّب النَّفْسِي الجَسَدِي" مُدَرّبين بِشكلٍ خَاص لِهذا الغرض. ويبقى طبيب الأسرة دائِماً أول نقطة اتصال فيما يخص الأعراض، حيث يعمل على التنسيق ما بين الفُحوصات والعِلاجات. يُمكِن في حالة إذا كان العِلاج المُقَدّم من طرف طبيب الأسرة لِوَحدِه غير كافي، اللجوء إلى المتخصصين في الطب النّفسي الجِسماني والعِلاج النفسي أو إلى المُعالِجين النفسانيين

يتواجد في هامبورج عيادتان للطِّب النَّفْسِي الجَسَدِي رهن إشارة المرضى سواء لمُقابلة تشخيصية للمرضى الخارجيين أو لِتَلَقّي عِلاجٍ سَريري: العيادة الجامعية للطِّب النَّفْسِي الجَسَدِي والعِلاج النفسي التي تتوفر على عِيادةٍ خارِجية تابِعة للمُستشفى الجامعي هامبورغ-ابندورف (Hamburg-Eppendorf) وقِسم المرضى الداخليين في عِيادة شون في هامبورغ ايلبيك (Schön Klinik Hamburg Eilbek) وقِسم الطِّب النَّفْسِي الجَسَدِي في عِيادة اسكليبيوس فيست كلينيكوم في هامبورغ-ريسن (Asklepios Westklinikum in Hamburg-Rissen).

يُمكن الاطلاع على قائِمة كامِلة خاصة بعِيادات الطِّب النَّفْسِي الجَسَدِي والعِلاج النفسي في هامبورغ والمناطِق المُحيطة بها في دليل العِلاج الخاص بِمدينة هامبورغ ابتداءً مِن الصفحة 139.

يمكنكم أيضاً اتخاذ بعض الإجراءات للتأثير إيجاباً بأنفسِكم على الأعراض الخاصة وللحفاظ على نشاطِكم بالرغم من الأعراض. أهم النصائِح لتحقيق ذلك هي:

  • مارِسوا قدر الإمكان حياتِكم اليومية بشكل جَيِّدٍ وبِنشاط!
  • حافِظوا على نشاطِكم الجسماني (أو اعملوا على استرجاع هذا النشاط) رَغم الأعراض التي تُعانون مِنها وحتى لو كان ذلِك مصحوباً بالمعاناة، مع الحرص على القيام في أول الأمر بخطوات صغيرة لِتصبِحوا أكثرَ نشاطاً مع مرور الوقت.
  • اعملوا على المُناوبة ما بين مراحل النشاط الجسماني ومراحل الاسترخاء، وقد يكون مِن المُفيد مُمارسة تِقنيةٍ للاسترخاء بصفة مُنتظِمة (مثلاً الاسترخاء العضلي التدريجي، اليوغا).
  • شارِكوا الآخرين في الحياة الاجتماعية! حيث غالباً ما تُساهِم مُخالطة أشخاص آخرين في جعل المرء يتناسى الأعراض الجسمانية.
  • حافِظوا على مصادِر الطاقة والموارد الخاصة بِكم، مثلاً من خلال مُمارَسة هِوايات: ما هو الشيء الذي يجعلكم تُحِسُّون بالرّاحة؟ ما هو المكان الذي تشعرون فيه بالرّاحة؟ من هو الشخص الذي تُحِبُّون قضاء الوقت معه؟
  • ابحثوا عن الأفكار والسلوكيات والاستراتيجيات التي تُخَفِّف من الأعراض التي تُعانون مِنها! اعملوا على استغلال مثل هذه الاستراتيجيات المفيدة خصيصًا لأنفسكم.
  • تبادلوا الأفكار مع الآخرين! قد يكون ذلك عبارة عن محادثة مع الأشخاص المُقَرّبين مِنكم أو في إطار مجموعة مُناسِبة لِمُساعدة الذات.

ماذا بإمكان الأصدقاء والمقربين فعله؟

كثيراً ما يُقابَل الأشخاص الذين يعانون من أمراض جِسمانية غامضة بِبَعض التشكيك، حيث غَالِباً ما يَتِم اتِهامهم باختِلاق الأعراض فقط، وبالتالي فإن ذلك يزيد من حِدّة الإحباط والقلق لدى المصابين. 

لذلك فإنّه مِن المُهِم أن يعترف الأقارب والأصدقاء بالمرض وان يكونوا رهن إشارة المعني بالأمر. إلا أن العمل على إراحتهم بِشكلٍ كامِل وقضاء جميع واجِباتهم والتكفل بالأعباء الجِسمانية بدلاً عنهم، قد يُؤَثِّر سِلبا على مسار المرض. لهذا قد يكون من المستحسن أن يَتِم إِشراك الأقارب بِشكل مُؤَقت في العلاج الطبي النفسي وأن يكونوا على عِلمٍ بأعراض المرض.

Rauh, E. & Rief, W. (2006). Ratgeber somatoforme Beschwerden und Krankheitsängste. Informationen für Betroffene und Angehörige. Göttingen: Hogrefe. 

Matzat, J., Jäniche, H. & Hausteiner-Wiehle, C. (2012). Patientenleitlinie „Nicht-spezifische, funktionelle und somatoforme Körperbeschwerden“. متوفر على الرابط: www.awmf.org/leitlinien/detail/ll/051-001.html.

يُصَاب 12 شَخصاً مِن أَصل 100 أشخاص خِلال

حَيَاتِهم باضطِراب نفسي جسدي الشكل

لقد تغيرت حياتي من هذه الناحية [...] عندما علِمت المزيد عن نفسي. [...] معرفتي أصبحت أفضل بِكَثير وهي الآن بمثابة ثَروة بِداخلي. -مارياتا ب.

(.Marietta B)، من بين الأشخاص الذين عانوا من الاضطراب النفسي الجسدي الشكل

نظام المساعدة في لمحة

الحصول على المساعدة

Cookies make it easier for us to provide you with our services. With the usage of our services you permit us to use cookies.