نشرة معلومات - الخرَف

ما هو الخرف؟

يرجع أصل مُصطَلَح "الخرَف" إلى الكلِمة اللاتينية "de-mens" أي: (de = "بعيداً عَن"، mens= "العقل") ويعني "بعيداً عن العقل". الخرَف هو مُتلازِمة مَرضية، أي مجموعة مِن الأَعراض المُختَلِفة (= علامات مَرَضِية) والّتِي ترجع إلى أسباب مُتَفَرِّقة. يعتبر مرض الزهايمر السبب الأكثر شيوعا للإصابة بالخرف.

يَدخُل الخَرَف ضمن المُتلازِمات المَرَضِية الأَكثر شُيُوعاً عِند التَقَدُّم في السِن، ويصف تدهوراً في الذاكرة وغيرِها مِن القُدُرَات والمهارات المَعرِفِية (= المُرتبِطة بِالتّفكِير)، والعاطِفية والاجتِماعية. يرجع سبب الإِصابة بِالخَرَف إلى مرضٍ يُصِيب الدِّماغ والذي غالباً ما يكون قابلاً للتشخيص، حيث يقع تغييراً في الخلايا العَصَبِية والروابِط بَين الخَلايا العَصَبِية في الدماغ أو تُصَاب هذه الأخيرة بِالتّلَف.

يُؤَثِّر تَفَاقم المرض أَوَّلاً على وظائف الدماغ العليا، بحيث تُصيب الإعاقات بِشكلٍ خَاص القُدرة على الاحتِفاظ بِالمعلومات بِالذاكرة، ومَهارَات التَفكِير وحَل المُشكِلات، والمهارات المكانِية والبِنائِية (المعروفة أيضا باسم: الإدراك) إِضافةً إِلى اللُّغة. حيث أن هناك بَعض الأشكال الأًخرى التي تُصابُ فيها أيضاً الشّخصِية أو المهارات الحركية أو تسلسل الأداء الحركي.

حيث يفقد المتضررون عادةً القُدرة على القيام بَواجبات حياتهم اليومية لِوَحدِهم وتظهر - إضافة إلى ذلِك - إعاقات شديدة على مهاراتهم الاجتماعية وأَنْشِطَة الحَياةِ اليَومِيَّة.

ما هي وتيرة الإصابة بالخرف؟

أُصيبَ في سنة 2015 نحو 46,8 مليون شخص بِالخَرف على الصعيد العالمي، عِلماً بِأَن مرض الزهايمر هو أكثر مُسبِّبات الخَرَف شُيوعاً (2/3 جميع الحالات المَرَضية على الأقل)، يَلِيه الخَرَف الوِعائي (= مُتَعَلِّقٌ بِالأَوْعِيَةِ). هُناك مِن بَين مُسبِّبَات الخرَف الأخرى أَمراض أخرى مِثل الخرف الجبهي الصدغي (= مرض يُصيب الجِهاز العَصَبي والّذِي يُؤَثِّر بِشكل خاص على مناطِق الدِّمَاغ في الفص الجبهي الصدغي)، أو خَرَف أَجسَام ليوي، أو مرض باركنسون، أو داء هنتنغتون (= مرض وراثي في الدماغ)، أو فيروس العوز المناعي البشري.

يزيد عدد المُصابين بالمرض في النصف الثاني من العمر بِحكم التَقَدُّم في السِّن. إِلّا أَنّ الخرَف ليس ضمن علامات الشيخوخة المُتَوَقّعة، حيث يُصَاب - مثلاً - في أوروبا فَقط نحو 1,8 ٪ من الرِّجال و1,4 ٪ من النساء مِن بَين الّذين تَتَراَوَح أعمَارهم بين 65-69 سنة. أما مِن بَين الّذين تَتراوح أعمارهم بين 75-79 سنة، فقد تصل نسبة المصابين إلى 6,9 % من الرجال و7,6 % من النساء. بَينما يَرتفِع مُعدّل المُصابين لِمَن تتراوح أعمارهم بين 85-89 سنة إلى 20,9 % مِن الرجال و28,4 % مِن النِّساء، أما بِالنسبة لِمن تَجاوزَ عمرهم 90 سنة، فقد يُصابُ 29,1 % مِن الرجال و44,2 % مِن النِّساء؛ وبِالتّالي فَإِن النِّساء أَكثر عُرضةً للإِصابة في الفئات العمرية الأكبر سنا.

يَصِل عدد المصابين بِالخَرَف حالياً في ألمانيا مِمّن تَجاوزَت أعمارهم 65 سنة إلى 1,6 مليون شخص تقريباً، حيث يُعادِل ذَلِك9.1% من مجموع الأشخاص المُنتَمِين إِلى هذِه الفِئَة العُمُرِية.

هل هناك أشكالاً ومسارات مُختلِفَة للإصابة بالخرف؟

تُعرَف العديد مِن الأمراض الّتي تُؤَدِّي إِلى الخرَف بِما يُسمّى بالأمراض التَنَكُسِية العصبية، أي أنّها تَتَميّز بتلف الخلايا العصبية بصفة تدريجية. قد تَستمِر مِثل حالات الخَرَف هذه (خرَف الزهايمر، الخرف الجبهي الصدغي، خرَف باركنسون، خَرَف أَجسَام ليوي) لِعِدّة سَنَوات، عِلما بِأن مُدة المرض قد تختلف حسب اختلاف الأمراض الأساسية والأشخاص. يَظهَر الخرَف الجبهي الصدغي في غالِب الأحيان في مَرحلة مُبكِّرة بِكثير مُقارَنَةً بِبَقِيّة الأمراض الأُخرى المَذكورة، عِلما بِأَنّ هناك أيضاً أَشكالاً أخرى مِن مرض الزهايمر التي تظهر بِشكلٍ مُبَكِّر (ما يسمى بمرض الزهايمر "مُبكّر الظهور") (Early-onset Alzheimer’s disease)

تعتبر الأمراض التنكسية العصبية غير قابِلَة لِلشِّفَاء. بِحيث تُؤَثِّر الأدوية فقط على الأعراض ولَا تُساعِد في التغلب على المرض أو إيقاف تَفَاقُمِه. ولهذا فَإِنَّ أَشكال الخرَف هذه غَالِباً ما تُؤَدِّي إلى حاجة المريض - بشكل كبير - للرعاية التمريضية وتقصير مُعَدّل أَمَل الحَياة لَدَيه.

قد يَعرِف مَسار المَرض أيضاً في حَالات الخَرَف النَّاجِمَة عن أضرار وِعَائِية بالدماغ (= مُتَعَلِّقٌ بِالأَوْعِيَةِ الدموية)، ظهور مراحِل تَتَميّز بِفَتَراتٍ طَويلَة من الاستقرار وقد يعرف المريض أيضاً تحسناً مُؤَقّتاً.

أشكال الخرَف المُختلِفة، وخصائِصها وأعراضها الأساسية:

الأعراض الرئيسية

أعراض عامة

المرض

  • اضطراب واضِح للذاكرة، خاصةً صعوبة في تذكر معلومات جديدة
  • اضطراب التفكير البصري المكاني
  • اضطراب في النطق، بالأخص اضطراب في تكوين الكلمات
  • صعوبات التي القِيَام بأنشطة مُعَقّدة (مِثل الطّهي وتشغيل أجهزة إلكترونية والتعامل بِالمال)
  • تفاقم تلف الخلايا العصبية في الدماغ
  • ظهور تدريجي، غالِباً في العقد السابع مِن العُمر

خرف الْزْهايْمَر

  • بطء الحركة
  • ضعف التركيز
  • الخمول
  • عاهات بالدماغ المُتَعَلِّقة بِالأَوْعِيَةِ التي تؤدي إلى الخرَف والنّاجِمة عن احتشاءات دِماغية
  • قد تَبدأ فَجأةً بعد سِلسِلَةٍ مِن السَّكَتات الدِّمَاغِية أو تدريجياً بعد العديد من الاحتشاءات الصغيرة
  • غالِباً ما تظهر على شَكل خرَف مُختلِط (في تركيبة مع مرض الزهايمر)

الخرف الوعائي

  • تَغَيُّرات في الشخصية
  • اضطرابات سلوكية (مثلاً سلوك قهري أو شعائري)
  • اضطرابات في العلاقات الاجتماعية (مثل فقدان طرق التعامل مع الآخرين)
  • الفتور العاطفي
  • اضطراب في وظائف التخطيط (مِثل وضع أهداف طويلة الأجل ومتابعتها)
  • الفقدان المبكر لِلوعي بالمرض
  • ظهور تدريجي، تفاقم تدريجي
  • بداية المرض غالباً قبل سن 65 عاماً، نادراً بعد سن 75 عاماً

الخرف الجبهي الصدغي \ مرض بيك

  • اضطراب الذاكرة (يكون الاسترجاع أكثر اضطراباً مِن التَّخزين)
  • اضطراب في التصور البصري المكاني والتفكير
  • صعوبات التي القِيَام بأنشطة مُعَقّدة (مِثل الطّهي وتشغيل أجهزة إلكترونية والتعامل بِالأَموال)
  • اليقظة، غالِباً ما تكون القُدرة على الانتباه والتّركيز عُرضةً لِتقلُّبات شَدِيدَة، تَزايد الأعراض بِشَكلٍ عام أثناء مسار المرض
  • اضطرابات الحركة نموذجية لِمَرَض بَاركنسون، حَيثُ يُؤَدِّي ذلِك إِلَى السُّقوط أحياناً أرضاً

خرف أجسام ليوي

  • اضطراب الذاكرة (يكون الاسترجاع أكثر اضطراباً مِن التَّخزين)
  • اضطراب في التصور البصري المكاني والتفكير
  • صعوبات في القِيَام بأنشطة مُعَقّدة (مِثل الطّهي وتشغيل أجهزة إلكترونية والتعامل بِالمال)
  • اضطراب في التركيز
  • بطء الحركة
  • الخمول
  • هلاوِس بَصَرِية نَشِطة (إدراك دون أَيِّ مُحَفِّز خارِجي)
  • سَلس البول المُبَكِّر

غالباً ما يظهر مرض باركنسون ما بين سن 50 و60 سنة. غالباً ما تكون بدايته تدريجياً. يتميز المرض بِتَصَلٌّب العَضَلات، وتباطؤ القدرة الحركية، وارتِعاش العَضَلات، وعَدَم الاستِقرَار الوَضعي. نتحدث عن "باركنسون مصحوب بالخَرَف" عِندما يَظهر الخرَف بعد مرور أَكثر مِن سنة عن ظهور أعراض مرض باركنسون.

مرض باركنسون المصحوب بالخرَف

كيف ينشأ الخرف؟

يزيد خَطَر الإِصابة بالخرَف بِشكلٍ حَاد - مع تَقَدُّم المرء في السّن - في النِّصف الثاني من العمر، حيث يعتبر مَرض الزهايمر في هذه الفئة العمرية السَبَب الأَكثَر شُيوعاً للإِصابَة بالخَرَف. أمَّا في الفِئات العُمرية الأَصغر سِنّاً، فَإِنّ الالتهابات (مِثل فيروس العوز المناعي البشري)، والأضرار التي تَلحَق بِالأَعصاب الناجِمة عَن استهلاك الكُحول أو مواد أُخرى، والأَمرَاض العَصَبِية الوِراثية النادِرَة (مِثل داء هنتنغتون) كُلُّها تُعتَبَر السبب الأكثر شُيوعاً للإِصابَة بِالخَرَف.

تُعتَبَر الأمراض الوِعَائِية (= مُرتَبِطة بِالأَوعِيَة الدَّمَوِية) عوامِل خطورة للإِصابةِ بِالخرف في وقتٍ لاحقٍ، وَمِن بَينِها مثلاً

  • ارتفاع ضغط الدم
  • مرض السكري (السكري)
  • فرط شحميات الدم (مثلاً زيادة في تركيز الكوليسترول في الدم)
  • السمنة (اضطرابات الأكل والاستقلاب مصحوبة بِفرطٍ شديد في الوزن)

يعتبر التدخين كذلك بِمثابَة عامل خطورة للإصابة بِحالات الخَرَف.

كيف يمكن الوقاية من الإصابة بحالة خرف؟

يُنصَح بهدف الوقاية مِنَ الإصابة بحالة خَرَف أن يَتِم اللجوء إلى التَأثِير المستهدِف لِعوامل الخطورة من خلال اتخاذ تدابير مَناسِبَة:

  • اتباع نشاط ذهني نَشِط
  • مداومة الأنشطة البدنية
  • اتباع نِظام غذائي متوازن
  • المشاركة في الحياة الاجتماعية بِنَشَاط
  • تخفيض عوامل الخطورة الوِعائية (= مُرتبِطَة بِالأَوعِية الدّمَوِيَة)، مثلاً عَن طَرِيق مُراقبة ضغط الدم ونِسبَة السكر في الدم بِصِفَة مُنتظِمَة

لا ينبغي استعمال المواد التالية لِلوِقَايَة مِن الخرَف بسبب نقصٍ في أدلة فَعّالِيَتها:

  •  جنكو ذو الفصين (مُستحضَر طبي مُستَخلَص مِن أوراق شجرة الجِنْكَة)
  • الكحول
  • العِلاج بِالهرمونات البَدِيلَة (تناول الأدوية أُثناء فترة انقطاع الطمث)

كيف يمكن للمرء معرِفَة إصابته بالخرف من عَدَمِه؟

يَبدأ الخرَف في غالِب الأَحيان بِشَكلٍ تَدرِيجي، بحيث لا يتمكن كُلٌّ مِن المُصابين أنفسهم وأَقارِبهم في غالب الأَحيان - ولِفَترةٍ طَويلَةٍ – مِن التَعَرّف على الأَعراض الأولى، وذَلِك لِأَنّهم يَعتَبِرونَها علامات "طَبيعية جِدّاً" متعلقة بِالشيخوخة.

وبِمَا أَنّ التَّشخيص المُبَكِّر مُهِم أيضاً مِن أَجل استبعاد أن يكون وَراءَ الإصابة بالخرَف أحد الأمراض القابِلَة للعلاج (مِثل التهابات أو أَمرَاض الغدة الدرقية) - أو بهدف إثبات ذلك ومعالجة هذه الأخيرة - فإنه يَنبَغِي لِلمُصابِين والأقارِب الانتِبَاه أكثر إلى "التغيرات التي طرأت على سلوكيات المريض" (انظر الأعراض المُبَكِّرَة).

هناك العديد من الأمراض التي قد تَتَسَبّبُ في ظهور أعرَاضٍ مُشابِهَةٍ جِدّاً لِلخَرَف. حيث يُمكِن للاكتئاب مثلاً أَن يُؤَثِّر على الذّاكِرة بِشكل كبير لدرجة أَنَّه يَتِم التَحدث عَمّاَ يُسَمّى بِ "الخَرَف الكَاذِب (= كما لو كان الأمر يتعلق بِالخرَف) في حالة اكتئاب". تتلاشى الأعراض عادةً عِند مُعَالَجَة المرض الأساسي.

يَنبَغِي في حالَة إِذا كان هُناك اشتِباه في الإصابة بِالخَرَف أن يَتِم مُناقَشَة ذلِك مَع طَبِيب الأسرة أو مع طَبيب مُختَص والحِرص على فَحص الحالة بِعِنَاية.

 

ما هي الأعراض المُبَكِّرَة للخرف؟ 

يُنصَح بِالتّأَكد مِن الإصابة بِالخَرَف من عَدَمِهِ في حالة إِذَا كَان المعني بالأمر يُعانِي مِن صعوبات أو لَدَيه سلوكِيات لافِتَة للانتباه - مُقارَنَةً بِالوَضع الّذِي كَانَ عَلَيهِ مِن قَبل - في وَاحِد أو أَكثر مِن المجالات التالية: 

استيعاب معلومات جديدة وتخزينها

  • مراراً وتكراراً
  • يُواجِه مِراراً وتِكراراً صعوبات في تَذَكًّر المُحادثات، والأَحدَاث أو المواعيد، حتى إن لَم يَمُر عَليها فَترة طويلة
  • لا يتمكن من إيجاد الأغراض التي قام مَن قبل بِوضعِها في مَكانٍ مُعَيَّن

القيام بِأَعمال أكثر تعقيداً

  • يُواجِه صعوبات في فَهم فِكرَةٍ أَكثر تَعقيداً أو إنجاز مُهِمّة تَتَكَوّن مِن عِدّة خَطَوات (مثلاً طَهي وَجبَة أكل أو فَتح بَابٍ مُزَوَّدٍ بِآلِيَة فتح مُعَقّدَة)

الوعي والحِكمة

  • يُواجِه صعوبات في التّعامُل بِعَقلانِيَة وبِشكلٍ عَمَلي مع مواقف عسيرة مِن الحياة اليَومِيَة (مثلاً، احتِراق الأَكل، فيضان مِياه حوض الاستِحمام أو انقطاع الكهرباء)
  • تراجع قدرته على تَقييم نوعية السلوك المُناسِب في مواقِف اجتماعية
  • لَم يَعُد يَفهم جَيداً النُّكات والأقوال الساخِرَة كما كان مِن قبل

الإدراك المكاني

  • يُواجِه صُعوبات في قِيادة السيارة (غالباً ما يُضل الطريق، غالباً ما يُلحِق أضراراً طَفيفة بِالسَيّارة، مثلاً عند إدخالها إلى المرآب)
  • يفقد القدرة على التصرف بِشكلٍ جَيد في محيطٍ غَير مَألُوف (مثلاً في مركز جديدٍ للتسوق أو في مرآب السيارات)

الكلام

  • يُعاني من اضطرابات في تكوين الكلمات
  • لَم يَعُد قادِراً على مُتابَعة مُحادَثة (حول موضوع مُعَقّد) بِسُهُولَة

السلوك

  • أَصبح أَكثر سلبِيّة وَيَتَفَاعَل بِبُطء أكثر مِن قَبل
  • أصبح أكثر ارتِيَاباً وسَريع الغَضَب
  • لَدَيه سلوك مُتَحَرّر غير مَألُوف
  • يُسِيء فهم المحفزات البصرية أو الصوتية
  • يُعاني مِن الهلاوِس

 

استشارة الطبيب من أجل فهم التاريخ المرضي (السيرة المَرَضيّة)

يَتِم في بِدَاية التَشخيص إجراء مُحادثة مُفَصّلة مع الطبِيب مِن أَجل فهم التاريخ المرضي لِلفَرد، فَضلاً عَن الوضع الصحي الحالي بِما في ذلك الجوانب الجَسدية والنفسية والاجتماعية. ويُعتَبَر ذَلِك أمراً مُهِماًّ مِن أَجل تحديد المخاطر وغيرِها مِن العَوامِل المُؤَثِّرَة وتقييم تَأثيرها على كل مِن المَريض وأَقرِبائِه. بِحَيث يُمكِن مَثلاً للمُحادَثَة المُتَعَلِّقة بِالسيرَة المَرَضِية أن تَكشِف عن إشارات تَدُلُّ على وجود حالة اكتِئَاب (والتي تُؤَثِّر بِدَورِها على التّفكِير)، الشيء الذي يُمكِن تَوضيحه أكثر في إطار التشخيص الإضافي.

من المُهِم أن يتم إضافةً إلى استِجواب المريض (تذكر تاريخ المرض كما يقصه المريض) - لاَسِيَّمَا إذا كان هناك اشتباه في الإصابة بأحد الأمراض الخرَفية -اللجوء إلى إجراء محادَثَة مع شخصٍ مِن أَسرَته أو من المُقَرّبين مِنه (تذكّر تاريخ المرض كما يقصه طرف ثالث). من المُمكن أن يَكون الشخص المَريض غير قادر بِنَفسِه على وصف الصعوبات التي يُواجهها بِصورة كافِية أو قد يَتَعمّد إِعطاء "صورة جَيِّدة" عن حالَتِه وبالتالي إلى "التخفيف مِن حِدّة مَشاكله"، وقَد يُؤَدِّي ذلك إلى تَبايُنٍ في وصف الحالة المَرضية.

ينبغي ألاّ يتم، أثناء استفسار المريض عن الأعراض، التركيز على المَجال المرتَبِط ب „الذاكرة" فقط، بل أن يُؤخَذ أيضاً بِعين الاعتبار - مثلاً - التّغَيُّرات التي تطرأ على كُلٍّ مِن السلوك أو الشخصِية أو قدرة الفرد على التغلب على أشغال الحياة اليومية أو تغيرات في المزاج.

يُمكِنكم التحضير للمقابلة مع الطبيب أو الطبيبة على النحو التالي:

  • إعداد قائمة لِلأَدوِيَة التي يتم تناولها حالِياً وذلك بِهَدَف مُساعَدَة الطبيب أو الطبيبة على تقييم الآثار الجانبية والتفاعُلات المُتبَادَلة المُحتَمَلة.
  • إحضار كُل مِن النتائج الأولية للفحوصات (مثلاً على شَكل تقارير الطبيب)، وصُوَراً للرّأس - إن كانت متوفرة - عن طريق الفَحص بِالأَشِعّة المَقطَعِيَة أو التصوير بالرنين المغناطيسي إلى موعد المُقابلة مع الطبيب.

الفحص

وبِمَا أَنّ الخرَف لا يكون مصحوباً بِأَعرَاض "مرئية" (فقدان الذاكرة والقدرة على الكلام، إلخ) فَحَسب، بَل قد يكون أَيضاً مصحوباً بِتَغَيُّرَات جَسَدِية (مثل ضمور الدماغ)، فإِنَّه يَنبَغِي أن يَتَضمّن التشخيص فحوصات مُختلِفَة.

من الضروري أن يتم الفَحص البَدني بِشَكلٍ دَقِيق وذلك لاستبعاد أن تكون الأمراض القابِلة للعلاج (مِثل أمراض الأوعية الدمَوِيَة، والسكتة الدماغية، وأمراض الأورام) أحد الأسباب المحتَمَلة للإصابة. قَد تكون هناك - علاوةً على ذَلِك - أمراض عضوية أساسية والتي قد تظهر إضافةً إِلى الإصابة بِالخَرَف القائِمة، الشيء الذي قد يؤدي إلى تَفاقم الحالة أو تَعقيدها.

كيف يتم معالجة الخرف؟

العلاج الدوائي عند الإصابة بالخرف

علاج اضطرابات الذاكرة والتفكير في حالة الإصابة بالخَرَف

تُعتبَر مُعظَم الأَمراض الكامنة وراء الإَصابة بِالخَرَف في تَفاقُم تصاعدي، حيث أن هناك أدوية مُرَخّصَة لِعَدَدٍ قَلِيلٍ مِنها فقط، والتي لا تقضي على المرض وَلا تُؤَثِّر على مَسَار المرض. حيث أن الأدوية المُتاحَة حالِياً - على وَجْه الخصوص تِلك الخاصة بِمَرَض الزهايمر - تقتصر على عِلاج الأعراض وقد تؤدي في أفضل الحالات إلى استقرار مُؤَقّت لِقُدرة المريض على التفكير وعلى أداء الأعمال اليومية.

يتم اختِيَار الأدوية تبعاً لِنوع الخَرَف وَشِدَّة الإصابة وغيرها.

تُسمّى الأَدوية الّتي تَمنَع فُقدان القُدرَات العقلية وتلك المرتبطة بِالذاكِرَة (=المعرفية) - النموذجي للإصابة بِالخَرَف - بِمضادات الخرف

 

علاج الاضطرابات العقلية والسلوكية في حالة الخرف

قد تظهر أيضاً في جميع حالات الأمراض المُتَسَبِّبَة في الإصابة بِالخرَف - إضافةً إلى تَلَف التّفكير والذاكِرَة - اضطرابات في الحياة اليَومِية والسلوك، مِثل الاكتئاب أو العدوانية أو القلق. هناك عِدّة أسباب لِظهور هذه الأعراض: هناك مِن جِهَة تَغيُّرات تطرأ على بِنية ووظيفة الدِّماغ في حالة الإصابات بِالخَرَف، وبِالتّالي يزداد احتِمَال التّفَاعل مع ظروف محيطة مُعَيّنَة بِشكلٍ مُختلِف. قَد تكون الظروف المُحيطة المُسبِّبة لِذلك - مثلاً - تَواصل غير مناسِب، أو تَغَيُّرات في البيئة المحيطة بالمريض أو ظهور أعراض جسدية جَدِيدَة (مِثل الآلام).

غَالِباً ما يكون رد الفعل الناتج عن مُعايشة الحِرمان المُصاحِب للإصابة بِالمَرَض على شكل القلق والاكتئاب والعدوانية.

ينبغي مُحاوَلَة اللجوء في أول الأمر إلى طَريقَة غَير دَوَائِيَّة، وذلك بالعَمَل أوّلاً على تَحديد المُحفِّزات. يمكن بعد ذلك استخدام - مثلاً - أدوات طبية مُساعِدة لِتَسهيل الحياة اليَومِية، أو اللجوء إلى اتّبَاع تَدابِير التي من شَأنها تعزيز الإدماج الاجتماعي والمُحافظة عليه. يُمكِن أيضاً التفكير في استخدام الدواء في حالة إِذا لَم يُؤَدّي كُلّ ذلِك إلى نتيجة وأيضاً في حالة إذا كانت الاضطرابات في المشاعر والسلوكيات تشكِّل عبئاً نفسياً كبيراً على المريض وأقربائه.

مجموعات الأدوية التالِية مُناسبة لذلك:

  • مضادات الخَرَف: تُؤَثِّر مضادات الخرف - إضافَةً إلى تأثيرها على الأعراض المعرفية - أيضاً بشكل جزئي على الأعراض النّفسية والسُّلوكِية، مثلاً في حالات مرض الزهايمر بِدرَجة خُطورة طَفيفة حتى متوسطة.
  • مضادات الاكتئاب: هو مُصطلح عام يُطلَق على مجموعة من الأدوِيَة التي يتم استِعمَالُها لمعالجة كُلٍّ مِن الاكتئاب وبعض الأمراض الأُخرى مِثل اضطرابات القلق والوسواس القَهري أو الآلام.
  • مُهَدّئات الأعصاب: هو مُصطَلَح عام يُطلَق على مجموعةٍ مِن "العقاقير المُهَدِّئة لِلأعصاب" والتي لها تَأثيراً مُهَدِّئاً وغالِباً ما تُستَخدَم في حالات الأوهام أو الهلاوِس. ونظراً للآثار الثانَويَة الناجمة عن الدواء، فإنه يَنبَغي أن يتم تزويد الأشخاص المصابين بِالخَرَف بِأصغر جُرعة مُمكِنَة من مُهَدّئات الأعصاب وعلى مدى أقصر فترة زمنية مُمكنة.
  • مضادات الاختلاج: أدوية تستخدم لِعِلاج نوبات الصرع. قد تكون هذه الأدوية ذات فَعالِيَة في حالات الانفِعَال (التوتر المصحوب بِقِيام الفرد بِحَركات عَنيفة وَمُتَهَوِّرَة واتخاذه ِسُلوكِيات عنيفَة).

قد تعمل الأعراض الغير المَعرِفِية بِتَضخيم الأعراض المَعرِفِية، مثلاً أن يُؤَثِّر الاكتئاب سِلباً على أداء الذاكرة؛ وبِالتّالي فَمِن المحتمل جِداً أن يَتَحَسن أيضاً الأداء المعرفي نتيجة مُعالجة الاكتئاب.

العلاج الغير الدوائي

تَهدِف طُرُق العِلاج الغَير الدَّوائِية للخَرَف إِلى تَحسِين مَزاج المُصابِين وتَمكينِهم مِنَ التّكَيُّف مع تَراجع قُدرَتِهم على الأداء. بحيث تخص كُلّ مِن المَريض نفسه وأيضاً البيئة المُحيطة بِهِ ويَتَمَحوَر هَدَفها في الحِفاظ على المَهارَات والقُدُرَات الكائِنَة وتعزيزها عند الضرورة.

يَرتَبِط نوع طرق العلاج المستخدمة بِشكلٍ رَئيسِي بِكُلٍّ مِن نَوعية الخَرَف، ومَرحلة المَرَض، واحتياجات كل مِنَ المُصابِين والأفراد المُكَلّفِين بتقديم الرِعَاية. قد يَكون من المفيد الجَمع بَين طرق عِلاجية مُختلِفَة، إِلّا أنه يَجِب الحِرص دائماً على عَدَم تكليف المريض أَكثر مِن وَسعِه أو اجتِناب إصابته بالإِحباط بِمُوَاجَهَتِه بالمشاكِل الّتي يُعانِي مِنها.

فيما يلي أمثلة لِبَعض طُرق العِلاج الغير الدّوائِية

  • الطُرق المَعرِفِية، مَثلاً التَوَجُّه الواقِعِي (تَعزيز التَوَجُّه المكاني والزَّماني مِن خِلَال التَّلميحَات والمُساعَدات) أو العِلاج بالتذكر\العَمَل بِالسِّيرَة الذَّاتِيَة (تَفعِيل مُحتَوَيَات الذّاكِرَة المُرتَبِطَة بِالسِّيرة الذّاتِيَة)
  • العلاج الوظيفي، مثلاً مُمَارَسَة أَنْشِطَة الحَياةِ اليَومِيَّة مع استعمال تِقنيات مُرتَبَطَة بِاللّعِب، وتقنيات حِرَفِية وتقنيات إِبدَاعِيَة، مُواءَمَة البَيئَة المُحيطَة بِالمُصَاب، وتَقديم المَشورة الخَاصّة بِالأَدَوات المُساعِدة في مَجَال التنقل والحياة اليومية. يَنبَغي أن يتم مُواءَمَة طُرُق العِلاج الوظيفي بِشكلٍ فردي، وأن تَتِم هذه الأخيرة قَدر الإِمكَان في البَيئَة المَنزِلِيَة الخَاصّة بِالمَريض. قد يكون مِن المُفيد إِشراك أقرباء الشخص المُصَاب - المُكًلّفين بِتَقديم الرِّعاية له - في العلاج.
  • التنشيط البدني، مثلاً عَن طريق العِلاج الحَرَكي فيِ إِطَار العِلَاج الطّبِيعِي
  • علاجات بِالفن، مثلاً علاج بالموسيقى والفن
  • الطُرق الحِسية، مثل العِلاج بِالرّوائِح أو سنوزلن (وَضع الشّخص في غُرفَة مُهَدّئَة لِتحفِيز مُختَلَف الحَواس، مثلاً باستخدام الأَصوات، والروائح، وتأثيرات الإضاءة وتَلَمُّس أَجسام مُختلِفَة)
  • بَرامِج التوعية والدعم لِمُقَدِّمي الرعاية الطبية والقائمين على رِعَايَة المريض

يَنبَغِي إشراك الأقارب ومُقَدِّمي الرِعاية في العِلاج وذَلِك مِن أَجل ضَمان أن يَتَمَكّنوا في حياتهم اليومية مِن تَنفيذ ما تَعَلّموه وبِالتّالِي تَحقيق الاِستِدَامة والتّقليل مِن استخدام الأدوية.

التغذية

قد يَتسبّب الخرَف في خروج قُدرَة المرضى عَلَى السَّيطرَة على الشعور بِالعَطَش وَالجُوع عن نِطاقِها "العادِي" وأن تَنخفِض رغبتهم في تناول الطعام أو الشراب. لذلك فَإن كُلٌّ من الأقارب والمُمَرِّضين والأطباء والطبيبات مُلزَمون دائِماً بالحِرص بِشكلٍ خَاص عَلَى مُراقَبة فُقدان المريض لَوَزنِه من عَدَمِه. حيث يجب أن يتم مواجهة هذا النّقص في الوزن - إذا لزم الأمر ذلك - عبر تزويد المريض بِمواد غِذائية ذات سِعرات حرارية عَالِيَة. يَنبَغِي - إضافةً إِلى ذَلِك - دَعم اتباع عادات أكل مُعَيّنة مِن خلال تناول الوَجبات في أوقات مُنتَظِمة، والتشجيع على الأكل واتباع طقوس مِثل الطبخ معاً أو تحضير المائدة معاً.

تحسين إيقاع النوم

غالباً ما يحصل تغيراً في إيقاع النوم واليقظة أو بِالأحرى إيقاع اللَّيل والنّهار لدى المُصابين بِمَرض الخَرَف؛ بحيث يكون من المُفيد في هذه الحالة اللجوء خلال النهار إلى اتباع تسهيل اجتماعي مُنَظّم. 

ماذا بإمكان الأصدقاء والأقارب فعله؟

قد يُشَكِّل الخَرَف تحدِيّاً خاصاً أيضاً بالنسبة لِأَصدقاء وأقرباء المُصَابِين. تم هنا تجميع معلومات مُفصَّلة ونَصائِح لِأَقارِب وأصدقاء المُصابين بالخرف.

سَتَجِدون هُنا قَائِمةً لِجهات الاتصال الخاصة بِموضوع "الخرف".

جهات الاتصال الجِهَوية

  • مراكز المشورة الخاصة بِالمُسِنِّين (مِثل مكاتب شؤون المُسنين)
  • مراكز الخدمة الاجتماعية
  • جمعيات الْزْهايْمَر الجهوية ومراكز الاستشارة الخاصة بِالذاكِرة أو العيادات الخارجية الخاصة بِالذّاكِرَة (ستجدون هنا قائِمة مُرَتّبَة وفقاً للرموز البريدية.)

جِهات الاتصال الشامِلة

 

Cookies make it easier for us to provide you with our services. With the usage of our services you permit us to use cookies.