نشرة معلومات - اضطراب الكَرْب التالي للصدمة

مُلاحظة: لا يمكن لأي معلومة أن تحل مَحَلّ المُحادثة مع طبيبك الذي تربِطك به علاقة ثِقة!

ما هو اضطراب الكَرْب التالي للصدمة (PTSD)؟

 اضطراب الكرب التالي للصدمة هو مرض نفسي قد يَظهر نَتيجة مَوقفٍ صادِمٍ نفسيا.

التجارِب الصادِمة هي حَالات التهديد القصوى أو الحالات الرهيبة التي تُهدِّد حياة أو سلامة الذّات أو الآخرين. مِن بين أمثلة هذه الحالات هناك الكوارث الطبيعية، والحوادث الخطيرة، والحُروب، والأمراض التي تهدد الحياة بالخطر، والإيذاء البدني أو الجنسي. قد تحدث حالة اضطراب الكَرْب التالي للصدمة نتيجة تَعرُّض المَرء لموقفٍ صادمٍ أو لعِدّة مَواقِف صادِمة، وذلك سواء عند تأثر الشّخص بِنفسه من الحادث أو عندما يكون شاهِداً على تعرضِ أشخاص آخرين لِحادثٍ فظيعٍ (مثلاً أن يكون المرء شاهِداً على حادث مروري خطير).

ما هي علامات الإصابة باضطراب الكرب التالي للصدمة؟

إذا ظل الشخص يعاني من الأعراض التالية لمدة عدة أسابيع - نتيجةً لمروره مِن تجربةٍ صادِمَة - فإن ذلك قد يُشير إلى إصابته باضطراب الكرب التالي للصدمة. استعادة أحداث الصدمة، وتجنب كل ما يُذكِّر بها، والشعور بالتهديد المستمر هي العلامات المميزة للإصابة بالمرض:

  • استعادة أحداث الصدمة

قد تختلف طريقة استعادة أحداث الصدمة من شخص لآخر. يتعرّض بَعض الناس لِذِكريات مُتطفِلة تُذَكِّرهم بِالمَوقِف الصادِم (ما يسمى بِصَدَى الأفكار) أو لِكَوابيس قد تَتَسبَّب في الإصابة بِمشاعر قوية (مثل الخَوف) وردود ِفعل جَسدية (مثل التوتر والألم). حيث يُمكِن للمرء أن يَنظر إلى الحالات أو الانفعالات التي تُذكِّره بالتجربة الصادِمة على أنها تُهدِّده وقد يؤدي ذلك إلى إصابته بِإجهاد نفسي شديد وظهور ردود فعل بدنية. كما تتميز أعراض استعادة أحداث الصدمة كَونها تحدث عندما يكون المرء غير متواجد في الموقف الصادِم.

  • تجنب كل ما يذكر بالصدمة

يتجنب المتضررون الأفكار والذكريات وكذلك الأنشطة أو الحالات أو الأشخاص المرتبطين بالحَدث الصادِم وذلك مِن أجل حماية أنفسهم من الذكريات المُتَطَفِّلة أو المؤلمة. قد يميل الأشخاص الّذين تعرضوا لتجرِبة مُؤلِمة في حادثِ مرور- مثلاً - إلى تَجَنُّب المواقِف على الطريق التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتجربة الصادِمة. فقد يلجأ المُصابون – على سبيل المثال - إلى الامتناع عن قيادة السيارة بِأَنفسِهم أو إلى استخدام وسائل النقل العام (مثل الحافلات أو مترو الأنفاق)، وذلك لأنهم قد يَخشون تَعرضِهم مُجددا لِحادثٍ أو لِأَي أمرٍ فظيعٍ. يترتّب عن ذلك - إضافة إلى ذلك - تَجَنُّب المرء للأفكار والمشاعر التي تُذَكِّره بالتجربة الصادمة.

  • الشعور بالتهديد بِشكلٍ مُستمر

ومن المُمكِن أن يظل المُصابون يشعرون بأنهم مُهدّدون بإمكانية عودة تجارب مؤلمة جديدة، حتى بعد مرور فترةٍ طويلة على حدوث الموقف الصادِم وذلك على الرغمِ مِن أنّهم لم يعودوا في الموقف الصادِم الأَوّلي. ويتمثل ذلك - مثلاً - في حِرص المصابين على البقاء في حالة تأهب شديدة وفحصِهم المُستمِر لِمُحِيطهم بحثاً عن علامات الخطر. كما أنه قد يؤدي الشعور المُستمِر بالتهديد إلى تزايد حدوث نوبات الهلع لدى المُصابين، مثلاً عند سماع أصوات عالية في البيئة المحيطة بهم.

ما هي وتيرة حدوث اضطرابات الكرب التالي للصدمة؟

يُعاني ما بين 2 إلى 3 أشخاص من كلِ 100 شخص خلال سنةٍ واحِدةٍ مِن اضطرابات الكرب التالي للصدمة. تعتبر النساء أكثر عُرضةً ِمن الرِجال للإصابة وذلك لأنها - بشكل عام - تعيش أحداث صادمة بِوَتيرة أكبر.

الهروب من البد الأصلي والصدمة النفسية واضطرابات الكرب التالي للصدمة

تعرَّضَ الأشخاص الذين -مثلاً - اضطروا إلى مُغادرة بَلدهم الأصلي نتيجة للحرب الأهلية أو الإرهاب أو انتهاكات حقوق الإنسان أو الاضطهاد السياسي، والذين يلتمسون بالتالي الحماية في ألمانيا أو بُلدانٍ أخرى، بوتيرة أكبر لأحداث صادمة نفسياً. يُعاني الأشخاص اللاجئون -إضافةً إلى ذلك - بصورة مُتزايدة من اضطرابات الكرب التالي للصدمة، بحيث يُعدُّ أكثر من 20 من كل 100 لاجئ في جميع أنحاء العالم مُصاباً باضطرابات الكرب التالي للصدمة. وتُشير الدِراسات المُتعلقة بألمانيا إلى وصول معدلات الإصابة بالمرض إلى مستويات مرتفعة أكثر من ذلك؛ إذ تُفيد هذه الدراسات أن ما بين 40 و50 لاجئاً من أصل 100 لاجئ يعانون من اضطرابات الكرب التالي للصدمة. يُصاب اللاجئون - إضافة إلى إصابتهم باضطرابات الكرب التالي للصدمة - بالاكتئاب بشكلٍ شائعٍ جداً، كما أن كِلا المَرَضين غالباً ما يظهران أيضاً بشكل مُتَزَامِن.

هل هناك أشكالاً ومسارات مختلفة لاضطرابات الكرب التالي للصدمة؟

قد تظهر اضطرابات الكرب التالي للصدمة في أي عمرٍ بعد تعرض المرء لموقف صادمٍ وعادة ما تستمر لِعدة أشهر، وأحيانا حتى سنوات. حيث عادة ما تظهر العلامات المُميِّزة لإصابة باضطرابات الكرب التالي للصدمة خلال الأشهر الأولى بعد وقوع الموقف الصادِم. إذ تظهر مُباشرة بعد الصدمة (ساعات وأيام بعد ذلك) ردود فِعل نفسية ناتجة عن الصدمة وردود أفعال حادة ناتجة عن الإجهاد النفسي.

إذا ظهرت أعراض اضطرابات الكرب التالي للصدمة مباشرة بعد بداية ردود الفعل (مثل الصدمة)، فمِن المُمكِن أن تَخِفَّ هذه الأعراض في هذه الحالة خلال الأيام والأسابيع والأشهر القليلة التالِية. تختفي الأعراض لدى 30 شخصاً تقريباً من أصل 100 شخص خِلال السنة الأولى التي تَلت تعرُّضِهم للموقِف الصادِم.

يُعاني الكثير من الأشخاص إضافة إلى إصابتهم باضطرابات الكرب التالي للصدمة مِن واحدٍ على الأقل (أو أكثر) مِن الأمراض النفسية الأخرى مِثل اضطرابات القلق، ونوبات الاكتئاب، وأمراض الإدمان (مثل الأدوية والكحول والمخدرات)، والتفكير الانتحاري، والاضطرابات النفسية جسدية الشكل أو اضطراب الشخصية. غالباً ما تظهر على المدى الطويل بعض الأمراض الجسدية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والتي تُصاحِب اضطرابات الكرب التالي للصدمة.

من المهم معرفة ما يلي: يعرف معظم الأشخاص ظهور علامات اضطرابات الكرب التالي للصدمة في الأيام والأسابيع التي تلي مباشرةً وقوع حادثٍ صادمٍ. إلا أنّه إذا كُنتم قد تعرضتم لحادِثٍ صادمٍ وواجهتم صعوبة في التغلُّب عليه، وخاصة في حالة عدم تَحسن الأعراض مع مرور الوقت، فإن البحث عن المساعدة في هذه الحالة يبقى أَمْراً حَتْمِياً. يمكنكم كخُطوةٍ أولى - مثلاً - إخبار طبيبكم العام أو طبيبتكم العامة بالأعراض التي تُعانون مِنها أو اللجوء إلى طلب المشورة النفسية العلاجية.

  • استطراد: الاضطرابات المعقّدة للكَرب التالي للصدمة

لا تظهر الاضطرابات المعقّدة للكرب التالي للصدمة إلا لدى بعض الأشخاص الذين يكون رد فعلهم - نتيجة تَعرّضِهم لحادث أو أكثر من الأحداث الصادمة نفسياً - هو الإصابة باضطرابات الكرب التالي للصدمة. بحيث كثيراً ما تكون الأحداث الصادمة في إطار اضطرابات مُعقّدة لاحِقة للصدمة قد حدثت على مدى فترة زمنية أطول أو مراراً وتكراراً، ويكون -إضافة إلى ذلك - من الصعب أو المستحيل على المعني بالأمر تَجَنّب الموقف الصادِم. من أمثلة هذه الأحداث ما يلي: العنف المنزلي المُستمِر، والإيذاء الجنسي أو الجسدي المُتكَرِّر في مرحلة الطفولة، فضلا عن التعذيب أو الرِق أو الإبادة الجماعية. ينبغي لوصف حالةٍ ما بِإصابة بالاضطراب المُعقّد للكرب اللاحِق للصدمة، أن تكون -أولاً - جميع الأعراض النموذجية لاضطرابات الكرب التالي للصدمة مُتَوَفِّرة (استعادة أحداث الصدمة، وتجنب كل ما يُذَكِّر بهذه الأخيرة، والشعور بالتهديد المستمر).

يتميز اضطراب الكرب اللاحِق للصَدمة المُعقد - علاوة على ذلك - بظهور مشاكل في المجالات الثلاث التالية، والتي تستمر في كثير من الأحيان على مدى فترة أطول من الزمن: تعامل الفرد مع مشاعره، والإدراك الذاتي والعلاقات الاجتماعية:

  • يواجه الأشخاص المصابون مشاكل حَرِجَة وطويلة الأمد في تعاملهم مع المشاعِر (مثلاً على شكل اضطرابات اكتئابية طويلة الأمد).
  • يكون المصابون على قناعةٍ من كونِهم أدنى قيمة من الآخرين أو يُحِسُّون بالنّقص والدونية، ويَنضاف إِلَى ذَلِك مشاعر العار أو الذنب أو الفشل التي تكون مُرتَبِطَة بِالمَوقِف الصادِم نفسياً.
  • يصعب على المُصابين الحِفاظ على أهم علاقاتهم الشخصية والشعور بالارتباط بأشخاص آخرين.

كيف ينشأ اضطراب الكرب التالي للصدمة؟

يَكمُن سبب ظهور اضطراب الكرب التالي للصدمة دائماً في حُدوث واحد أو أكثر من الأحداث الصادمة (مثل حوادث المرور والعنف والكوارث الطبيعية). تساهِم كل مِن التغيُّرات الفيزيولوجية (في الدماغ مثلاً) وكذلك العوامل النفسية الاجتماعية (مثل انعدام الدعم الاجتماعي من قِبَل محيط المُقَربين) - إضافة إلى تَوافُرِ حادث صادِمٍ واحدٍ على الأقل - في إصابة الفرد باضطرابات الكرب التالي للصدمة. غير أنّه مِن الصعب تحديد مُسبَقاً وبِشَكلٍ مَضبوط من سيُصاب باضطراب الكرب التالي للصدمة بعد وقوع حادث صادم نفسياً ومَن لَن يُصاب بذلك. ليس من الضروري أن يَتَرَتّب عن مُجرّد المرور من تَجرِبة حادثٍ صادمٍ إصابة الفرد باضطرابات الكرب التالي للصدمة، وذلك لأَن التفاعل مع المواقِف الصادِمة يختلف بِشكلٍ كبير من شخص لآخر.

مِن المُهم معرِفة ما يلي: لا أحد "يتحمل مسؤولية" إصابَتِه باضطرابات الكرب التالي للصدمة، حيث أن هذا المرض قد يُصيب أَي شخصٍ ويُعتَبَر "تفاعلاً طبيعياً مع حدثٍ غير طبيعي".

كيف يمكن للمرء معرفة إصابته باضطراب الكرب التالي للصدمة من عدمه؟

من المهم أن يعمل المرء قبل كل شيء على أخذ الأعراض التالِية للصَدمة على محملِ الجد. ينبغي التماس المساعدة الطبية أو النفسية العلاجية في حالة استمرار هذه الأعراض لِفَترةٍ أطول من الزمن. يَتِم في أَوّل مُقابَلة تُجرى مع المَريض تَنَاول الأعراض الفَردِية، وظروف الحياة مع التطرق إلى كلٍّ من الظروف الداعِمة والمُجهِدة نفسياً مِنها، وتاريخ الأسرة المرضي، فضلاً عن الأمراض الجسدية والنفسية. كما أنه يَتِم التطرق بشكل موجز إلى الموقف الصادِم نفسياً الذي كان سبباً في ظهور الأعراض، وقد يُطلب أيضاً من الشخص المُصاب ملء استبيان.

تعتبر هذه المقابلة التّشخيصية مهمة لِمعرفة ما إذا كان الفرد مصاباً باضطراب الكرب التالي للصدمة ومدى حِدة إصابَتِه. 

كيف تتم معالجة اضطراب الكرب التالي للصدمة؟

من المهم معرفة ما يلي: اضطراب الكرب التالي للصدمة قابل للعلاج بِشكل جيد. وقد تَمَكّن العديد من الأشخاص الذين سَبَق لهم أن أًصيبوا باضطراب الكرب التالي للصدمة من التماس المُساعَدة المهنية، والعودة إلى مزاولة عملهم، والعيش حياة مُفعَمَة بالنشاط والهناء.

من الممكن معالجة اضطرابات الكرب التالي للصدمة بنجاح عن طريق اللجوء إلى العلاج النفسي. يهدف العلاج النفسي لاضطراب الكرب التالي للصدمة إلى مساعدة المُصابين على ممارسة الحياة اليومية بشكل طبيعي وعلى التمكن من اعتبار الحدث الصادِم نفسياً جزءاً من ماضيهم دون أن تؤثر مشاعِر أو أفكار ساحقة مرتبطة بِالموقِف الصادِم على التأثير عليهم في وضعهم الحياتي الحالي.

أثبتت كلٌّ من مناهج العلاج المعرفي السلوكي التي تركز على الصدمات وطريقة EMDR (إزالة التحسس وإعادة المعالجة عبر حركة العينين) فعاليَتَها بِشَكلٍ خَاص في العلاج النَفسي لاضطرابات الكرب التالي للصدمة. حيث أن كِلا المَنهجين مُصمّمان خِصيصا لتلبيه الاحتياجات الخاصة للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الكرب التالي للصدمة، بحيث يمكن استخدامهما لمعالجة الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتِهم بِاضطراب ما بعد الصدمة أو الأشخاص الذين تظهر عليهم أَبرز أعراض اضطراب الكرب التالي للصدمة (مثل سلوك التجنب).

أثبت العلاج المعرفي السلوكي المرتكز على الصدمة الذي يعتمد على الحاسوب الآلي أيضاً نجعه، حيث يتم في هذا السياق نقل مضامين العِلاج عن طريق وسيلة تِقنية (مثلاً على شكل مِنَصة إِلِكترونية). يَتَلَقى المُصابون - إِضافة إلى ذلك - الدعم من المُعالِجين (أو المعالِجات)، من أجل تحفيزهم مثلاً على مُواصلة العمل في التدخل و/أو لِتَلَقي تعليقات رَداً على المهمات التي أنجزوها. ينبغي اقتراح العلاج السلوكي المعرفي القائم على الحاسوب الآلي والمرتكِز على الصدمة على المُصابين في حالة إِذا كانوا يُفضِّلون هذا النوع مِن العِلاج على العِلاج الذي يتم في عين المكان (عن طريق العِلاج السلوكي المُرتكِز على الصدمات أو إزالة التحسس وإعادة المعالجة عن طريق حركة العين-EMDR). إلا أنّ هذا النوع من العِلاج - العلاج السلوكي المعرفي القائم على الحاسوب الآلي والمرتكِز على الصدمة - ليس دائِماً مناسباً لجميع الحالات ولجميع المُصابين، كما هو الحال بالنسبة لِلأَشخاص الّذين يبدون سلوك إيذاء النفس أو الّذين يُعانون بِشِدة من أعراض اضطراب الكرب التالي للصدمة.

إن هناك - إضافة إلى ذلك - بعض الأدوية التي تُعتَبر ذات فَعالية في مُعالجة اضطرابات الكرب التالي للصدمة (مثلاً مضادات الاكتئاب مثل فينلافاكسين (venlafaxine)، أو فئة المادة الفعالة من مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية [مثل سيرترالين]). إلا أنه لا ينبغي التفكير في اللجوء إلى العلاج الدوائي كخِيار أول لعلاج اضطرابات الكرب التالي للصدمة، حيث من اللازم قبل ذلك إتاحة الفرصة للمُصابين لاكتشاف والتعرف على عروض العلاج النفسي. يجب دائما التنسيق مع المُصابين وأخذ تفضيلات العلاج الخاصة بهم بعين الاعتبار قبل اتخاذ قرار استعمال بعض خيارات العلاج أو عدم استعمالِها - سواء كانت هذه الأخيرة ذات طبيعة نفسية أو دوائية.

ماذا يمكن للأشخاص المُقَرّبين فعله؟

غالِباً ما يؤَثِّر اضطراب الكرب التالي للصدمة على المحيط الاجتماعي للمتضررين، لذلك قد يتضرر - أيضاً - الأشخاص المقربون منهم متأثرين بالآثار اللاحقة مثل اضطرابات النوم أو قد يكونوا هم أنفسهم يعانون من آثار حدثٍ صادم نفسياً.

غالبا ما يكون الأشخاص المقرّبون في حيرة شديدة في تعاملهم مع المصابين، ولذلك ينبغي لهم أن يكونوا على عِلمٍ جيد بخصائص اضطرابات الكرب التالي للصدمة حتى يَتَسنّى لهم فَهم المُصابين ومرضهم بِشكلٍ أفضل، حيث يُمَكِّنهم ذَلِك من تصنيف التغيرات التي تطرأ على سلوك المصابين بشكل أفضل (مثل زيادة التهيج لديهم).

من المُهِم بالنسبة للشخص المُصاب أن يعترف الأشخاص المقرّبون مِنهُ بأنّ رَد فِعلهِ يعتبر رَد فِعل طبيعي على حدثٍ غير طبيعي (الموقِف الصادِم نفسياً) وأن يُحِسّ في نفس الوقت بأنهم يَدعَمونَه. قد يكون مِن المُفيد جِداً أيضاً أن يُبدي الشخص المُصاب رغبةً في التحدث مع المقرّبين مِنه عما حدث له. يُنصح في هذه الحالة - بِشكل خاص - البقاء رهن إشارة المُصابين والإنصات لهم وتجنب إصدار حُكمٍ على ما يَتِم سَرده واجتناب تقديم نصيحة - إذا لم يُطلَب منهم ذلك - وذلك كون المُصابين يَلُومون أنفسهم أحياناً ويشعرون بالذنب بسبب ما حدث لهم.  

إلا أنه ينبغي للأشخاص المُقرّبين - إلى جانب دعمهم للآخرين - عدم تجاوز حُدودهم في التحمل. من المفيد أن يتم اللجوء إلى طلب الدعم من أشخاصٍ لا تربطهم صلة بالمصاب - لاَسِيَّمَا إذا كان المُقرّبون قد عايشوا الموقف الصادم بِأَنفسهم - وذلك لاجتناب أن يكون في البيئة المحيطة بالمُصَاب تحميلاً متبادلاً لعِبْءٍ ثَقِيلٍ. يمكن للمُقرّبين من الشخص المُصاب - في حالة إذا أصبح العبء الناتِج عن اضطرابات الكرب التالي للصدمة كبيراً جِدّا على المعني بالأمر - اللجوء أيضا إلى التماس المُساعدة من مجموعات مساعدة الذات ومراكز المشورة والأخصائيين الطبيين والمُعالجين النفسيين.

Cookies make it easier for us to provide you with our services. With the usage of our services you permit us to use cookies.